المقالاتالتحكيم في التشريع المغربي بين القانون 08.05  والقانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

19 يونيو, 20220

التحكيم في التشريع المغربي بين القانون 08.05  والقانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية – الجزء الأول

الدكتور مصطفى بونجة

، شريك أعمال شورى للمحاماة والتحكيم، المحامي بهيئة طنجة، رئيس المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، مدير المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي. 

الدكتورة نهال اللواح،

مستشار قانوني شورى للمحاماة والتحكيم  أستاذة القانون التجاري والأعمال بكلية الحقوق طنجة، الكاتبة العامة للمركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، رئيسة تحرير المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي.

بتاريخ 13/6/2022 صدر القانون  رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الاتفاقية[1] ، و ليدخل حيز النفاذ بتاريخ 14/6/2022 ، و ذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 105منه، و التي نصت على أنه يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في اليوم الموالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

و اذا كان هذا القانون الجديد قد حمل العديد من المستجدات من حيث موضوعه ، فانه يجب التنويه بأن هذا القانون قد عمل أيضا  على إعادة  النظر في تبويب  العديد من المقتضيات  ، محاولا بذلك تدارك العيوب الشكلية التي اتسم بها القانون  08.05 ، كما يجب التنويه ، بأنه و بموجب هذا القانون تم الانفصال المطلق بين قانون المسطرة المدنية و قضاء التحكيم ، و التي احتضنته انطلاقا من سنة 1913 ، و ليستقل قضاء التحكيم بقانونه الخاص بالرغم من الملازمة غير المبررة  للوساطة الاتفاقية له ، ذلك أننا كنا نتمنى الإبقاء على الوساطة الاتفاقية ضمن قانون المسطرة المدنية ، و تطويرها إلى وساطة قضائية .

ورجوعا منا للمستجدات التي أتى بها القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، فانه يتعين الوقوف عند المحطات التالية:

  • أولا: تحديد النطاق الموضوعي والزمني للقانون رقم 95.17
  • ثانيا: الجمع بين التحكيم التقليدي والتحكيم الالكتروني
  • ثالثا: مأسسة التحكيم في مجموعة العقود groupe de contrats
  • رابعا: مأسسة اتفاقات التحكيم البيضاء la clause blanche
  • خامسا: مأسسة التحكيم متعدد الأطراف arbitrage multipartite
  • سادسا: مأسسة مبدأ الاسطوبيل la règle de l’estoppel
  • سابعا: التكريس الصريح لمبدأ التواجهية والحضورية الشاملة
  • ثامنا: مأسسة عقد المهمة التحكيمية Contrat d’arbitre
  • سابعا: التطبيق الجديد لمبدأ اختصاص الاختصاص
  • ثامنا: إعادة النظر في تنظيم التحكيم في المادة الإدارية
  • تاسعا: تحديد شروط المحكم وتحديد نطاق مسؤوليته
  • عاشرا: إعادة النظر في لغة التحكيم وطريقة الاستماع للشهود
  • إحدى عشر: التشدد في إعمال قاعدة الجنائي يعقل المدني أمام قضاء التحكيم
  • اثني عشر: إعادة النظر في مبدأ سريان أجل الطعون ودعوى بطلان حكم التحكيم

أولا: النطاق الموضوعي والزمني للقانون رقم 95.17

ونقف هنا عند النطاق الموضوعي للقانون رقم 95.17 (أ)، ثم بعد ذلك نقف عند النطاق الزمني لنفس القانون (ب).

أ- من حيث تحديد النطاق الموضوعي للقانون رقم 95.17:

 نصت المادة 101 من القانون رقم 95.17، على أنه لا تتنافى مقتضيات هذا القانون مع النصوص التي تنظم إجراءات خاصة تتعلق بتسوية بعض النزاعات.

 وبغض النظر على إقرار المشرع بحرية الأطراف في اختيار نظام التحكيم المتبع من قبلهم، فان هذا القانون أبقى على الإجراءات الخاصة بالتحكيم في بعض الأنواع الخاصة من النزاعات، والتي تكون خاضعة لنظامها الخاص، والمتمثلة في التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية (1)، التحكيم في مهنة المحاماة (2)، والتحكيم الرياضي (3)

1- التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية:

تضمن القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل مسطرة خاصة تتعلق بالتحكيم في نزاعات الشغل الجماعية، كما أن المادتان 568 و569 من مدونة الشغل حددت الشروط الواجب توفرها في المحكم، غير أن المادة 582 من نفس المدونة أعطت إمكانية عدم تطبيق مسطرة التحكيم المنصوص عليها في مدونة الشغل وسلوك مسطرة تحكيم أخرى محددة بموجب اتفاقية شغل جماعية أو نظام أساسي خاص.

2- التحكيم في القانون 08-28 المنظم لمهنة المحاماة

 نصت المادة 29 من القانون 08-28، على أنه إذا حدث نزاع مهني بين المحامين الشركاء أو المتساكنين، أو المساعدين، ولم يتوصل النقيب إلى التوفيق بينهم، يعرض النزاع، وجوبا، على تحكيم يقوم به محامون، يختار كل طرف أحدهم لهذه الغاية، وينضم إليهم محكم معين من طرف النقيب.

ولا يكون القرار المتخذ قابلا لأي طعن، كما أنه تطبق هذه المقتضيات في حالة وفاة أحد المحامين المتشاركين، أو المتساكنين، أو المساعدين، أو عدم بقائه منتميا للهيئة. “

3- التحكيم الرياضي:

 نصت المادة 44 من  ظهير شريف رقم 150-10-1 صادر في 13 من رمضان 1431 (24 أغسطس 2010 ) بتنفيذ القانون رقم 09-30 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة ، على أنه تحدث لدى اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية غرفة للتحكيم الرياضي يحدد تكوينها وتنظيمها والقواعد المسطرية المطبقة أمامها بنص تنظيمي[2] ، تختص هذه الهيئة بالبت ، بطلب من الأطراف المعنية وبموجب شرط تحكيم أو اتفاق يبرم بين الأطراف بعد نشوب النزاع ، في أي خلاف ناتج عن تنظيم الأنشطة البدنية والرياضية أو ممارستها ، يحصل بين الرياضيين والأطر الرياضية المجازين والجمعيات الرياضية والشركات الرياضية والجامعات الرياضية والعصب الجهوية والعصب الاحترافية باستثناء النزاعات المتعلقة بتعاطي المنشطات أو المتعلقة بحقوق لا يجوز للأطراف التنازل عنها.

ب- من حيث النطاق الزمني للقانون رقم 95.17:

 نصت المادة 105 من القانون رقم 95.17، على أنه مع مراعاة مقتضيات المادة 103 منه، يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في اليوم الموالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية، كما تنسخ ابتداء من التاريخ المذكور جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون، ولا سيما أحكام الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974).

 غير انه وبالرجوع الى مقتضيات المادة 103 من القانون 95.17، فإننا نجدها تنص على أنه تظل مطبقة بصورة انتقالية مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394(28 سبتمبر 1974)، كما تم تغييره وتتميمه، على:

– اتفاقات التحكيم أو الوساطة المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ؛

– الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو النزاعات المعروضة على الوساطة، أو الدعاوى المتعلقة بهما، المعروضة أمام المحاكم في التاريخ المذكور في البند الأول أعلاه إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن.

 ومقتضيات المادة 103 من القانون 95.17، تذكرنا بمقتضيات المادة 2 من القانون رقم 08.05 (الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 /12/ 2007، ص 3894)، والتي نصت كذلك على أنه تظل بصورة انتقالية، مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المشار إليه أعلاه مطبقة على:

–        اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ ؛

–        الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المعلقة أمام المحاكم في التاريخ المذكور إلى حين تسويتها النهائية واستنفاد جميع طرق الطعن ».

     هذا المعطى يعطينا نتيجة متمثلة في ثلاثية  الإطار القانوني المنظم للتحكيم بالمغرب، بين القضايا التي ستبقى خاضعة لقانون التحكيم القديم ، و الذي هو قانون المسطرة المدنية لسنة 1974، و القضايا التي ستكون خاضعة لمقتضيات القانون رقم 08.05، و القضايا التي ستكون خاضعة  كليا لمقتضيات القانون رقم  95.17  وهو الشيء الذي شكل[3] و سيشكل ارتباكا واضحا على المستوى العملي.

 ثانيا: الجمع بين التحكيم التقليدي والتحكيم الالكتروني

للقول بوجود تحكيم الكتروني يجب البحث عن مقوماته بدأ من اتفاق التحكيم ومرورا بالمحاكمة التحكيمية، ووصولا الى حكم التحكيم، ويمكن الجزم بأن القانون رقم 95.17 تضمن كل مقومات التحكيم الالكتروني(أ)، غير أنه لا يكفي الركون الى المقومات دون الوقوف على مدى إمكانية التطبيق (ب).

أ- مقومات التحكيم الالكتروني في القانون رقم 95.17:

1- من حيث إبرام اتفاق التحكيم:

بعد أن نصت المادة 2 من القانون على أن اتفاق التحكيم هو التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية، تعاقدية أو غير تعاقدية، ويكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم، جاءت المادة 3 منه للتأكيد على شرط كتابة اتفاق التحكيم، ولتعمل على الدمج بين شرط الكتابة التقليدية وشرط الكتابة الالكترونية، 

فاذا كانت المادة 3 من القانون  ، تنص على أنه يجب أن يبرم اتفاق التحكيم كتابة، إما بعقد رسمي أو عرفي، وإما بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المعينة، أو بأي وسيلة أخرى يتفق عليها الأطراف ، أو بتبادل مذكرات الأطراف أو الدفاع التي يدفع فيها أحدهم أمام الهيئة التحكيمية، بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الآخر في ذلك ،  فانها اعتبرت بأنه يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من لدن الأطراف أو في رسائل متبادلة أو برقيات أو أي وسيلة أخرى من وسائل الاتصال المكتوبة، أو بموجب رسالة إلكترونية معدة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل.

2 – من حيث المحاكمة التحكيمية:

بموجب المادتين 35 و36 من القانون 95.17، فانه يجب على طالب التحكيم أن يتقدم، خلال الموعد المتفق عليه بين الأطراف أو الذي تعينه الهيئة التحكيمية، بمقال التحكيم مكتوبا أو بطريقة إلكترونية، يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المطلوب في التحكيم وعنوانه، وعرض لوقائع القضية، وتحديد موضوع النزاع والطلبات، كما يحق للمطلوب في التحكيم أن يجيب بواسطة مذكرة مكتوبة أو موجهة بطريقة إلكترونية تتضمن أوجه دفاعه أو طلباته العارضة أو المضادة مرفقة بكل الوثائق والحجج.

كما أنه وطبقا لمقتضيات المادة 33 من القانون رقم 95.17، فان الهيئة التحكيمية تحدد إجراءات مسطرة التحكيم التي تراها مناسبة، مع مراعاة أحكام هذا القانون دون أن تكون ملزمة بتطبيق القواعد المتبعة لدى المحاكم، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك في اتفاق التحكيم، وفي حال تعذر حضور كافة المحكمين يمكن للهيئة التحكيمية، عند الاقتضاء، وبعد موافقة الأطراف، أن تعقد اجتماعا عن بعد اعتمادا على تقنيات الاتصال الحديثة.

3- من حيث الحكم التحكيمي:

وعلى مستوى الحكم التحكيمي الالكتروني، فان المادة 51 من القانون رقم 95.17، نصت على أنه يجب أن يصدر الحكم التحكيمي كتابة في دعامة ورقية أو إلكترونية، وأن يشار فيه إلى اتفاق التحكيم، وأن يتضمن البيانات المحددة بموجب نفس المادة.

ب- عدم إمكانية تفعيل التحكيم الالكتروني

 بالرغم من التنصيص على كل مقومات التحكيم الالكتروني بموجب القانون رقم 95.17، فان ذلك غير كاف لوحده لتنزيل وتفعيل هذا النوع من التحكيم، وذلك بالنظر الى ارتباط تنزيل التحكيم الالكتروني بمساطر تقليدية، والمتمثلة في مسطرة الإيداع وارتباط تنفيذ حكم التحكيم الداخلي بهذه المسطرة.

 فقد نصت  الفقرة الأخيرة من المادة 55 من القانون رقم  95.17 ، على أنه يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم، بكتابة ضبط المحكمة المختصة، من لدن الهيئة التحكيمية أو أحد المحكمين أو الطرف الأكثر استعجالا داخل أجل خمسة عشر ( 15 ) يوما الموالية لتاريخ صدوره ، كما أنه ، و طبقا لمقتضيات المادة 67 من نفس القانون ، فانه لا يكون الحكم التحكيمي قابلا للتنفيذ إلا بعد منحه الصيغة التنفيذية، بأمر من رئيس المحكمة المختصة الصادر الحكم في دائرتها،على وجه الاستعجال بعد استدعاء الأطراف ، كما أنه يصدر الأمر بمنح الصيغة التنفيذية عن رئيس المحكمة المختصة التي تم إيداع الحكم التحكيمي بكتابتها على وجه الاستعجال، بعد استدعاء الأطراف ، كما أنه و عملا بمقتضيات المادة 69 من نفس القانون ، فان الصيغة التنفيذية توضع على أصل الحكم التحكيمي.

ثالثا: مأسسة التحكيم في مجموعة العقود واتفاقات التحكيم البيضاء

1- مأسسة التحكيم في مجموعة العقود groupe de contrats:

بعد أن نصت المادة 6 من القانون رقم 95.17 على أن شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم كل أو بعض النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور، أضيفت الى مقتضيات هذه المادة عبارة “والمرتبطة به”.

و عبارة” المرتبطة به ” لها دلالة كبرى في فقه و ممارسة التحكيم ، فهي تحيل على التحكيم في مجموعة العقود  groupe de contrats  ، فالتحكيم في مجموعة العقود له عدة صور[4]،  ، كما أنه يتصور عادة في الحالة التي نكون فيها امام عقد اطار المتضمن لشرط التحكيم و امتداد هذا الشرط لكل العقود الاخرى المتفرعة عن العقد الاصلي ، او في حالة وجود عقد أصلي متضمن لشرط التحكيم و انتقال هذا الشرط للعقد الملحق او التصحيحي[5] .

2- مأسسة اتفاقات التحكيم البيضاء la clause blanche

تندرج اتفاقات التحكيم البيضاء la clause  blanche تحت طائفة شروط التحكيم المعتلة clause pathologique [6]، و يمكن تعريف اتفاقات  التحكيم  البيضاء la clause  blanche بأنها تلك الاتفاقات التي يتفق بموجبها  الأطراف على حل نزاعهم عن طريق التحكيم دون تحديد للهيئة التحكيمية و كيفية تعينها[7] .

فالفصل 315 من القانون 08.05 كان ينص على أنه يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطلان، تحديد موضوع النزاع، تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها، ويكون العقد لاغيا إذا رفض محكم معين فيه القيام بالمهمة المسندة إليه، كما الفصل 317 من القانون 08.05 كان ينص على أنه يجب، تحت طائلة البطلان، – أن يضمن شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه، بشكل لا لبس فيه، أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين وإما على طريقة تعيينهم.

 غير انه وبالرغم من أن الفصلين 315 و 317 من القانون 08.05  حددا الشروط اللازمة للصحة الشكلية لعقد التحكيم  و شرط التحكيم و رتبا على تخلفها البطلان ، إلا أن الملاحظ  هو أن العمل القضائي المغربي  حاول التخفيف من حدة هذه الشروط  ، و تعامل بمرونة كبيرة مع تخلف أحد هذه الشروط ، وذلك  تفاديا للتصريح بالبطلان ، مستعينا في ذلك بمقتضيات الفصل 327-5 من القانون 08.05 [8].

وقد جاءت مأسسة اتفاقات التحكيم البيضاء la clause blanche بموجب القانون رقم 95.17، للتخفيف من شروط بطلان عقد التحكيم (أ)، وكذلك شرط التحكيم (ب)، ومسايرة للتشريعات الحديثة للتحكيم.

أ- على مستوى عقد التحكيم:

 نصت المادة 5 من القانون رقم  95.17 ، على أنه يجب أن يتضمن عقد التحكيم، تحت طائلة البطلان، تحديد موضوع النزاع كما يتضمن عقد التحكيم جميع البيانات المتعلقة بتحديد هوية كل طرف وعنوانه وموطنه إلى جانب عنوانه الإلكتروني، غير أنه و اذا كانت المادة 5 من القانون رقم  95.17 ،  قد نصت على أن عقد التحكيم يكون لاغيا إذا تضمن تعيين الهيئة التحكيمية ورفض أحد المحكمين المعينين القيام بالمهمة المسندة إليه أو تعذر عليه ذلك،  فانها لم ترتب بطلان  عقد التحكيم ، بل أنها أفسحت المجال للأطراف لتدارك البطلان ، مادام أن الفقرة الأخيرة  من نفس المادة نصت على مكنة اتفاق الأطراف على تعويض المحكم الرافض للقيام بالمهمة التحكيمية .

ب- على مستوى شرط التحكيم:

بعد أن  نصت  المادة 6 من القانون رقم  95.17 ،  على أن شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم كل أو بعض النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور، والمرتبطة به ، جاءت المادة 7 من نفس القانون على تحديد أسباب بطلان شرط التحكيم و حصرها في وجوب  تضمين شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل لا لبس فيه ، و تم التخلي عن مقتضيات الفصل 317 من القانون رقم 08.05 ، كما أن المادة 23 من القانون رقم  95.17 ، جاءت لتنظيم إسعاف اتفاق التحكيم المعتل أو الأبيض ، و ذلك حينما نصت على أنه “إذا لم يتم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا وكيفية وتاريخ اختيار المحكمين، أو لم يتفق الأطراف على ذلك، تتبع الإجراءات الآتية ….”

رابعا: مأسسة التحكيم متعدد الأطراف l’arbitrage multipartite

يمكن تعريف  التحكيم المتعدد الأطراف [9]، بأنه التحكيم المتسم بتعدد أطرافه ، سواء تعلق الأمر بطالبي التحكيم ، أو المطلوبين في التحكيم ، أو كلاهما معا .

وفي إطار معالجتها لحالة عدم تعيين الهيئة التحكيمية وكيفية اختيارها، أفصحت الفقرة الثالثة من المادة 23 من القانون رقم 95.17، على تبني المشرع المغربي للتحكيم متعدد الأطراف.

فالفقرة الثالثة من المادة 23 من القانون رقم 95.17، نصت على أنه “إذا تعدد أطراف فريق طالب التحكيم أو الفريق المطلوب في التحكيم، ولم يتفق أعضاء أحد الفريقين على تعيين محكم واحد عنهم جميعا، خلال الخمسة عشر (15) يوما التالية لتسلمهم طلبا بذلك من الطرف الآخر، تولى رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أحد الأطراف “، كما أن الفقرة 4 من نفس المادة نصت على أنه تتبع الإجراءات المذكورة في البند 2 منه إذا كانت الهيئة التحكيمية مشكلة من أكثر من ثلاثة محكمين.

خامسا: مأسسة مبدأ أو قاعدة الاسطوبيل la règle de l’estoppel

 يختلف مبدأ الاسطوبيل la règle de l’estoppel عن مبدأ التقاضي بحسن نية المنصوص عليه بموجب الفصل 5 من ق م م، ذلك أن هذا المبدأ أشمل و أوسع نطاقا من مبدأ التقاضي بحسن نية.

ويمكن تعريف مبدأ الاسطوبيل la règle de l’estoppel [10] ، بتعمد أحد أطراف الخصومة التحكيمية السكوت عن الدفع بخرق للمسطرة التحكيمية ،أو اتخاذ موقف غايته ايقاع خصمه في الغلط ،  وعدم اثارة ذلك أمام الهيئة التحكيمية مع الاحتفاظ بهذا الدفع الى حين الطعن القضائي في حكم التحكيم .

 و بعد أن استقر العمل القضائي المغربي مؤخرا على تطبيق هذه القاعدة[11] ، جاءت الفقرة الأخيرة من المادة 18 القانون رقم 95.17  للتنصيص على هذا المبدأ صراحة ، ذلك أنها نصت  على أنه “يمنع التمسك بالأسباب الموجبة لرفض إعطاء الصيغة التنفيذية أو الطعن بالبطلان أو إعادة النظر لأول مرة أمام المحكمة المختصة، إذا كان بإمكان أحد الأطراف إثارتها أمام الهيئة التحكيمية قبل صدور الحكم التحكيمي”.

المصادر

  • [1]  القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية (الجريدة الرسمية عدد 7099 بتاريخ 13/6/2022 ص 3579).
  • [2] المرسوم رقم 2.10.628 الصادر في 7 ذي الحجة 1432 (4 نوفمبر 2011) بتطبيق القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة (ج. ر عدد 5997 بتاريخ 21/11/ 2011.)
  • المواد من 38 الى 78 من المرسوم
  • قرار وزير الشباب و الرياضة رقم 2146.17 بتاريخ 23/8/2017 (ج.ر عدد 6606 بتاريخ 21/9/2017 ).
  • تعيين رئيس غرفة التحكيم الرياضي
  • قرار وزير الشباب والرياضة رقم 2321.18 بتاريخ 13/7/2018 (ج. ر عدد 6706 بتاريخ 6/9/2018).
  • تحديد مبلغ رسم كتابة الضبط وتحديد الجدول الذي تحتسب وفقه الصوائر الادارية لغرفة التحكيم الرياضي و صوائر و اتعاب المحكمين.
  • [3]  للمزيد حول هذا الارتباك الرجوع الى: مصطفى بونجة، نهال اللواح، التعليق على قانون التحكيم في ضوء القضاء والفقه العربي والدولي، المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، الطبعة الأولى 2019، ص 13 وما بعدها.
  • [4] MAYER Pierre, « Les limites de la séparabilité de la clause compromissoire », Rev. arb., 1998, n° 2, pp. 359 – 368
  • [5] LOQUIN Eric, « Différences et convergences dans le régime de la transmission et de l’extension de la clause compromissoire devant les juridictions françaises », Gaz. Pal., Les Cahiers de l’Arbitrage, n° 2002/1 — 1re partie, pp. 7 – 25.
  • [6] للمزيد الرجوع الى: مصطفى بونجة – نهال اللواح التحكيم في المواد التجارية الإدارية والمدنية، دار الافاق المغربية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2015، ص 93 وما بعدها.
  • [7] H. SCE et Marville, Les clauses compromissoires pathologiques: Rev. arb. 1988, p. 119
  • [8]  للمزيد الرجوع إلى: مصطفى بونجة ،نهال اللواح ، التعليق على قانون التحكيم في ضوء القضاء و الفقه العربي و الدولي ، م.س  ،  ص 50 و ما بعدها .
  • [9] Loquin (E.), Nouvelles lumières sur l’arbitrage multipartite : les conditions de validité des arbitrages parallèles présidés par un arbitre commun aux deux procédures », RTD com., 1994, p. 251.
  • [10] Andrea PINNA, La violation par l’arbitre de la règle de l’estoppel ne porte pas atteinte à l’ordre public international, note sous Cass. civ. 1re, 19 décembre 2012,  REVUE DE L’ARBITRAGE2013 – N° 1 – JANVIER-MARS, P147.
  • [11] KAWTAR JALAL, La loi 95-17 relative à l’arbitrage: Un propulseur du Maroc comme place de rang de premier choix comme siège d’arbitrage – Avancées et lacunes, LETTRE D’ARTEMIS 2 TRIMESTRE 2022,p38. :

تُولي شركة شورى أهمية خاصة لتمثيل عملائها في قضايا التحكيم التجاري الدولي والمحلي، بما لديها من خبرات وممارسات عملية لدى هيئات التحكيم من خلال كادر مُميز من المُحكمين والخُبراء والمحامين الممارسين والمعتمدين لدى مؤسسات التحكيم المحلية والدولية والتي منها على سبيل المثال لا الحصر: غرفة التجارة الدولية بباريس، المجمع الملكي البريطاني للمحكمين المعتمدين، مراكز تحكيم القاهرة وأبوظبي ودبي والكويت ومجلس التعاون لدول الخليج العربية .

اترك تعليقاً