الشروط الاستثنائية وحدها لا تصبغ عقد المقاولة بالطبيعة الإدارية 2025
يشعر بعض المقاولين بالقلق عند التعامل مع شركات القطاع العام المملوكة للدولة، وتثار في أذهانهم العديد من التساؤلات؛ والتي من أهمها هل كون شركة من شركات القطاع العام المملوكة للدولة طرفاً في عقد مقاولة تجعل منه عقداً إدارياً يعطي لها الحق في التعديل أو الإنهاء بالإرادة المنفردة؟ أم يظل عقداً مدنياً لا يجوز تعديله أو إنهاءه إلا باتفاق الطرفين؟
هذا ما تصدت له المحكمة الدستورية العليا، حيث قررت أن شركات القطاع العام لا تعتبر من أشخاص القانون العام، بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصًا من أشخاص القانون الخاص، كما أكدت على أن انطواء عقد المقاولة على بعض الشروط الاستثنائية غير المألوفة في روابط القانون الخاص، لا تنهض وحدها سندًا لاعتبار العقد من العقود الإدارية.
في حكم حديث للمحكمة الدستورية العليا في القضية المُقيدة برقم 20 لسنة 43 قضائية “تنازع” بجلسة ٤ يناير ٢٠٢٥م، بشأن الفصل في التنازع الإيجابي على الاختصاص بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي، والذي ارتكن إلى الفصل في الطبيعة القانونية لعقد المقاولة من الباطن المبرم بين أحد الأشخاص الطبيعيين، وإحدى شركات القطاع العام التابعة للشركة القابضة لمشروعات الطرق والكباري والنقل البري “شركة النيل العامة للإنشاء والطرق” على إثر نشوب خلاف بينهما حول مدى أحقية كل منهما في مطالبة الآخر بالمبالغ المالية المبينة بصحيفة دعواهما، جراء ما يدعياه من إخلال بالالتزامات الناشئة عن عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 16 / 01 / 2008.
حيث أقرت المحكمة الدستورية اختصاص القضاء العادي بالمنازعة تأسيسًا على أن شركات القطاع العام لا تعتبر من أشخاص القانون العام، بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصًا من أشخاص القانون الخاص، ومقتضى ذلك اعتبار عقد المقاولة – محل النزاع المطروح – من العقود المدنية التي يحكمها القانون الخاص، ومن ثمَّ فإن المنازعة في شأن الحقوق والالتزامات المترتبة عليه تدخل في اختصاص القضاء العادي، صاحب الولاية العامة.
ولم تعتد المحكمة بانطواء عقد المقاولة المشار إليه على بعض الشروط الاستثنائية غير المألوفة في روابط القانون الخاص، مؤكدة على أنه بفرض توافر هذه الشروط فإنها لا تنهض وحدها سندًا لاعتبار العقد من العقود الإدارية، متى ثبت تخلف الشرط الأول لذلك، وهو أن يكون أحد طرفيه شخصًا من أشخاص القانون العام.
كما أكدت المحكمة الدستورية العليا على المبدأ المستقر بأن “العقد لا يعتبر إداريًا ما لم يكن أحد طرفيه شخصًا من أشخاص القانون العام، وكان مستوفيًا لشروط العقد الإداري المنصوص عليها، والتي لا يكون إيرادها في العقد إلا تعبيرًا عن خصائص السلطة العامة وانتهاجًا لوسائل القانون العام التي لا تتكافأ فيها مصالح الأطراف، بل تكون الغاية منها هي حماية المصلحة العامة” وأن “الأصل في العقود هو بطبيعتها المدنية، التي لا يجوز الخروج عليها إلا في الأحوال الاستثنائية التي تفصح الإدارة فيها عن نيتها في انتهاج وسائل القانون العام في شأن العقود التي تبرمها، وعلى الأخص من خلال امتيازاتها التي تباشرها قِبل الطرف المُتعاقد معها، أو عن طريق تخويلها هذا المتعاقد جانبًا من سلطاتها لاستخدامها في تسيير وتنظيم المرافق العامة، التي كان ينبغي أن تقوم أصلاً عليها”.
تمتلك شورى للمحاماة والتحكيم قسم خاص بادارة عقود المقاولات، تواصل معنا الان لاي استفسار عن عقود المقاولات